30 - 06 - 2024

مؤشرات | تخفيض قرض الصندوق .. "رُب ضارة نافعة"

مؤشرات | تخفيض قرض الصندوق ..

سعدت بموافقة صندوق النقد الدولي على تقديم قرض 3 مليارات دولار لمصر، بعدما كانت الحكومة تطمح بوصول القرض إلى 5  حتى 8 مليارات دولار، وسعادتي تكمن أن يكون تخفيض سقف توقعت القرض دافعا للتوجهات الرامية إلى الإعتماد على التمويلات الذاتية لسد العجز الراهن في النقد الأجنبي، والذي يمثل أهم معضلة تواجه الدولة في الأزمة الإقتصادية التي تواجه البلاد حاليا، نتيجة الأزمات العالمية، وبعض السياسات الإقتصادية التي شابتها أخطاء بالتوازي مع التداعيات الإقتصادية العالمية على الإقتصاد الوطني.

صحيح أن الإتفاق مع صندوق النقد أتاح للحكومة إمكانية الحصول على تمويلات إضافية بقيمة مليارات دولار، من شركاء مصر الدوليين والإقليميين للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي، ومليار دولار أخرى، من مؤسسات التمويل الدولية، إلا أن هذه التمويلات تحتاج إلى مفاوضات طويلة، وربما يصل الأمر إلى التخلي عنها، إذا ما تم تنشيط التمويلات الذاتية والمحلية.

كما أن تقليل القرض إلى 3 مليارات دولار، بترتيب مدته 46 شهرًا، قلل جدا من الإلتزامات الحكومية لشروط صندوق "النكد الدولي"، وجاءت موافقة الصندوق مقابل خمسة إلتزامات مصرية، أولها تنفيذ نظام سعر صرف مرن دائم.

ووفقا لما ورد على لسان "إيفانا فلاديكوفا هولار"،رئيسة بعثة صندوق النقد لمصر،"سيكون الالتزام بمرونة أسعار الصرف الدائمة في المستقبل سياسة حجر الزاوية لإعادة بناء وحماية مرونة مصر الخارجية على المدى الطويل، وستدعم جهود البنك المركزي لتحسين أداء سوق الصرف الأجنبي، وزيادة الاحتياطيات الأجنبية، وتحسين السياسة النقدية والهادفة إلى خفض التضخم تدريجيا    إلى مستوى التضخم المستهدف للبنك المركزي"، وهذا يعني أن التحرير الكلي للجنيه قادم لا محالة وفي مرحلة ما، وهذا له حديث أخر.

وثاني الإلتزامات، هو التخلص التدريجي من الاستخدام الإلزامي لخطابات الاعتماد لتمويل الواردات، مع التزامها الثابت بمعالجة التعديلات اللازمة على مستوى الاقتصاد الكلي وتنفيذ أجندة طموحة للإصلاح الهيكلي وسط خلفية عالمية صعبة.

وثالث الإلتزامات، تطبيق سياسة مالية لخفض الدين الحكومي العام واحتياجات التمويل الإجمالية ودعم الضبط المالي المستمر من خلال تنفيذ استراتيجية الإيرادات الحكومية متوسطة الأجل تهدف إلى تحسين كفاءة وتدرجية النظام الضريبي. 

ورابع الإلتزامات، يشمل تطبيق اصلاحات هيكلية مالية عامة تستهدف زيادة تحسين مكونات الميزانية، وتعزيز الحوكمة والمساءلة والشفافية، ودعم أهداف التخفيف من آثار تغير المناخ.

وفي الإلتزام الخامس، يتضمن البرنامج سياسات لإطلاق العنان لنمو القطاع الخاص، عن طريق الحد من تأثير دور الدولة ببيع الأصول، واعتماد إطار منافسة أكثر قوة، وتعزيز الشفافية.

ومازال صندوق النقد الدولي يضغط على الحكومة لتنفيذ مزيد من الشروط، بنفس المنهج الذي يطالب به دولا أخرى في المنطقة، بينها تونس ولبنان والأردن، من أجل خفض الدعم على السلع الأساسية مثل الوقود والكهرباء والقمح والأرز، بهدف خفض عجز الموازنة العامة. 

وتطبيق مثل هذه السياسات تعني أن المواطن البسيط سيتحمل أعباء مالية تفوق طاقته بل قد تدفع بفئات اجتماعية كبرى نحو هوة الفقر، وهو ما قد ينعكس في شكل نفور شعبي، وتوترات، ولهذا فإن المحللين يرون أن الحكومة ربما رفضت التنفيذ في الوقت الحالي، لمثل هذه الشروط، لهدف رئيسي هو تجنب أي ردود فعل إجتماعية، وإستغلال مثل تلك السياسات حال تطبيقها، في عمليات تحريض شعبية، ومن وجهة نظري فإن عدم تقديم إلتزام حكومي لمثل تلك السياسات نقطة إيجابية وأعتبرها رؤية إجتماعية محسوبة لصالح الحكومة عند تقييم السياسات المالية والنقدية والإقتصادية، والأهم التمسك بها على المدى البعيد.

والأمل مازال معقودا على أن تسهم الإجراءات الاقتصادية والإصلاحات النقدية وقرض صندوق النقد الدولي في الحد من نسبة تضخم تجاوزت 15٪ في سبتمبر الماضي، وتخفيف الضغط المالي على الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط وخفض إجمالي الدين، في مجتمع تشير فيه الأرقام الرسمية إلى أن نحو 30% من سكان بلادنا أي حولي 30 مليون نسمة يعانون الفقر.

وأعيد وأؤكد على حجم سعادتي بقرار صندوق النقد الدولي بتحديد قيمة القرض بثلاثة مليارات دولار لعدم إفراط الحكومة في الاقتراض واللجوء الأسهل لها بسد الالتزام بالدين، وأن تكون رسالة مهمة للبحث في مصادر تمويل ذاتية بالنقد الأجنبي وتعزيز تدفقاته.

وأول الطرق دعم السياحة والخروج من النمط التقليدي للسياحة ودراسة تجارب دول بل مدن صغيرة في تنشيط السياحة باعتبارها أسرع وسيلة لتدفقات النقد الأجنبي، وثاني الطرق تعزيز ثقة المصريين بالخارج في زيادة تحويلاتهم حتى تتوقف الطرق الخلفية لتحويل أموالهم وهي ظاهرة اتسعت في آخر ثلاث سنوات  ولاشك أن خطوة زيادة سعر الفائدة على الدولار، خطوة من المهم أن تتسع لباقي العملات الدولية الأخرى مثل اليورو والجنيه الإسترليني.

وثالث الطرق، تعزيز التسويق الأمثل لقناة السويس لزيادة مواردها من النقد الأجنبي، ورابع الطرق، وضع البرامج التفصيلية لتنشيط حركة الصادرات السلعية والخدمات، مع سرعة بلورة الحوافز لمشروع تصدير العقارات كمصدر جديد علي السوق المحلية للنقد الأجنبي.
------------------------
بقلم: محمود الحضري

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | الحكومة الجديدة .. ننتظر تحريكًا لملف مياه النيل





اعلان